انا اسفه اوى على التأخيير
===================
الحلقة العاشرة
خطوة رقم صفر
بعد ذلك بأيام قام أحمد بإرسال الإيميل التالي إلى خالد..
---
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إزيك يا باشمهندز خالد.. أخبارك إيه يا عم ؟
يا رب تكون كويس وفي أحسن حال..
بالنسبة لموضوع فتن الشهوات والحاجات دي يا خالد..
عايزين بقى نبدأ مع بعض إن شاء الله نحط خطة شاملة نمشي عليها عشان مانقعش في المشاكل دي تاني بإذن الله..
بص.. أنا فكرت كتير مع نفسي.. وملقيتش فعلا بداية حقيقية أفضل من التوبة..
زي ما قلتلك كتير قبل كده، احنا محتاجين نبدأ على نضيف.. فلازم ننقي الأول نفسنا من اللي فات..
التوبة..
التوبة مهمة جدا يا خالد.. وللأسف كتير مننا بيكون فاهم التوبة غلط..
ناس فاكرة أن هي مش بتعمل حاجة تستاهل تتوب منها..
وناس فاكرة أن التوبة مجرد الواحد يقول أستغفر الله وأتوب إليه
وناس من كتر ما بتتوب وترجع للمعاصي بقت تبطل تتوب أصلا..
ربنا ينجينا يا رب
عشان كده كتير لما تيجي تكلم حد عن التوبة يحس أنك هتقول كلام متكرر وأنه مش محتاج يسمعك..
شوف يا خالد لما الرسول صلى الله عليه وسلم قال ((يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة)) رواه مسلم
فأنا عايز أكلمك عن التوبة بس نركز على شوية معاني مهمة..
أولا هنسمي التوبة "خطوة رقم صفر".. لأن دي أول خطوة قبل أي حاجة تاني..
وماسميتهاش خطوة رقم واحد علشان التوبة هتكون معانا في كل رحلتنا، مش في أول خطوة بس..
احنا طريقنا طويل يا خالد.. ومش معصومين.. واتفقنا أنه مش طريق سهل أبدا..
فهنحتاج نتوب كتييير.. وكل ما نضعف أو نقع.. هنتوب إن شاء الله..
مش هنيأس يا خالد لأن ربنا رحيم أوي..
عارف.. حاجة مهمة كانت بتميز الصحابة رضي الله عنهم.. التوبة من قريب..
التوبة من قريب يعني لو واحد منهم وقع في ذنب يتوب على طول.. مايستناش بقى شوية ويتباطأ ويتكاسل زي ما كتير مننا بيعمل للأسف..
كمان عدم تسويف التوبة..
هتلاقي تقريبا كل الناس اللي بتعمل معاصي عارفة أن اللي بتعمله ده حرام..
طب ما تتوب يا عم.. يقولك ادعيلي.. ويقولك هأتوب.. ويقولك لما يحصل كذا..
كأنه ضامن عمره.. سبحان الله العظيم
وفيه ناس للأسف يا خالد بتسيء الظن بالله.. تقول ربنا مش هيغفر لي.. فاكرة أن معصيتها أكبر من رحمة ربنا.. مع أن ربنا سبحانه وتعالى رحمته وسعت كل شيء..
وقلتلك قبل كده أن من أكبر الذنوب القنوط من رحمة الله تعالى..
وفيه
ناس بسبب أنها مكسوفة من نفسها ومستحية من ربنا سبحانه وتعالى.. تروح تعمل
معصية أكبر أنها ماتتوبش وأنها تبدأ تضيع صلواتها وتسيب الدعاء..
شوف.. عشان مكسوف يقف بين يدي الله تعالى وهو عاص.. يروح يعمل معصية أعظم !!
احنا هنتوب توبة عامة من كل الذنوب والمعاصي اللي بنعملها.. ومن تقصيرنا في الطاعات وكل حاجة.. تمام ؟
نتوب حالا يا خالد ماتستنااااش
وبعد
كده هنمشي في طريقنا ونتوكل على الله تعالى ونجاهد نفسنا، لكن لو ربنا
قدّر وضعفت ووقعت في الذنب يبقى لازم تتوب تاني..يعني هتحتاج ترجع للخطوة
دي دايما طول رحلتنا إن شاء الله
تمام كده ؟
وبالنسبة لشروط التوبة فهي أربع شروط
شرط في الماضي: الندم والاستغفار على ما مضى
شرط في الحاضر: الإقلاع عن الذنب
شرط في المستقبل: العزم على عدم العودة
والشرط الرابع لو كان الذنب متعلق بحق حد من الناس أنك ترجعله حقه أو تستسمحه فيه يعني
عارف يا
خالد.. بجد لما الواحد يتفكر في عظمة الله سبحانه، وإزاي أنه قادر على
إهلاك كل اللي بيعصوه.. ومع ذلك ربنا بيمهلهم ويصبر عليهم..
وبعد ما الواحد يكون في أسوأ حالات العصيان.. ربنا يقبله لو تاب..
يا سبحان الله
ومش بس كده.. مش بس ربنا يرحمه ويستره، ده كمان يبدل سيئاته اللي فاتت لحسنات.. فيه أعظم من كده يا خالد ؟؟
في سورة الفرقان يقول الله عز وجل: "إِلَّا
مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ
اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً"
------
يا من عدى ثم اعتدى ثم اقترف.. ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشر بقول الله في آياته.. "إن ينتهوا يُغفَرْ لهم ما قد سلف"
معلش أنا عارف أني وعدتك قبل كده أجمعلك آيات وأحاديث الرجاء.. بس مستعجل شوية دلوقتي..
إن شاء الله هأجيبهالك بإذن الله..
لكن دلوقتي بأقولك يا خالد ضع قول الله تعالى "قُلْ
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن
رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" ضعه دايما قدامك..
احنا اتكلمنا كذا مرة عن التوبة والإصرار والحاجات دي..
بس بأقولك لما تلاقي نفسك بتراودك على الذنب.. تذكر أن ربنا قوي عزيز وأن عذابه شديد..
لو بعد كده وقعت في الذنب برضه.. تذكر رحمة ربنا سبحانه ومغفرته وأنه ودود وتواب..
عارف يا
خالد أن بجد التوبة دي نعمة كبيرة أوي من عند ربنا.. تخيل أن الواحد ممكن
يتوب في أي مكان وفي أي لحظة.. ويتوب من أي ذنب.. يا سبحان الله
عارف..
مشكلة الذنب كمان أن أثره مش بس محصور في الدقيقة ولا الساعة اللي بتذنب
فيها.. لأ ده أثره ممتد تلاقيه في كل يومك.. وفي كل حياتك..
آثار
المعاصي كتير يا خالد.. واسأل أي حد على الاكتئاب والخنقة اللي بيحسها في
يوم عصيانه.. وشوف حاله مع الخشوع ولا إيمانياته عاملة إيه.. صدقني أثرها
صعب..
والذنب بيجيب ذنب بيجيب ذنب.. يا رب اعف عنا..
نقطة كمان مهمة.. الاعتراف بالذنب.. الاعتراف بالخطأ..
شوف دعاء سيد الاستغفار "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"..
الاعتراف بوجود خطأ ووجود مشكلة هو أول خطوات التغيير يا خالد..
عارف ليه ؟
لأن
اللي ينكر أنه غلطان ويرمي المسؤولية على حد غيره، ده أصلا مش هيفكر أنه
يتغير ولا هيحاول لأنه شايف أنه صح.. إنما لما يقول أنا فعلا غلطت هيبدأ
يتحرك ويصلح نفسه..
فيه ناس
بتبص للاعتراف بالخطأ أنه ضعف وتقليل من النفس.. سبحان الله.. مع أنهم لو
بصوا للموضوع بنظرة تانية، إن أنا لما أعترف أني المسؤول عن اللي فات، ده
معناه إني برضه مسؤول عن اللي جاي إن شاء الله..
وبالتالي أنا بإيدي أني أغير اللي جاي ده وأصلحه بإذن الله..
شوف !.. الاعتراف بالذنب يديك قوة أنك تصلح اللي جاي !!
أنا طولت عليك بالفعل يا خالد.. آخر حاجة عايز أقولهالك موقف صغير..
لقي
الفضيل بن عياض رجلاً، فقال له الفضيل: كم عمرك؟ قال: ستون سنة. قال
الفضيل : إذاً أنت منذ ستين سنة تسير إلى الله توشك أن تصل. فقال الرجل:
إنا لله وإنا إليه راجعون! فقال الفضيل: هل عرفت معناها؟ قال: نعم، عرفت
أني لله عبد وأني إليه راجع. فقال الفضيل : يا أخي! إن من عرف أنه لله عبد
وأنه إليه راجع عرف أنه موقوف بين يديه، ومن عرف أنه موقوف عرف أنه مسئول،
ومن عرف أنه مسئول فليعد للسؤال جواباً. فبكى الرجل وقال: يا فضيل! وما
الحيلة؟ قال الفضيل: يسيرة. قال: ما هي يرحمك الله؟ قال: اتق الله فيما
بقي من عمرك، يغفر لك الله ما قد مضى و ما قد بقي من عمرك.
حسيت يا خالد يعني إيه إنا لله وإنا إليه راجعون..
ربنا يعفو عني وعنك يا فتى..
واستكمالا للتوبة.. لازم نجتهد في الطاعات..
كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: ((اتق الله حيثما كنت, وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن)), رواه الترمذي وقال حديث حسن..
وإن شاء الله هنتكلم عن موضوع الطاعات اللي بعد التوبة في خطتنا بعدين.. ابقى فكرني بس..
طبعا أنا مش محتاج أقولك أن كل آيات وأحاديث الرجاء دي وكل رحمة ربنا ومغفرته الواسعة.. مش دافع لينا أننا نتهاون ونعصي..
بالعكس.. دي دافع أننا نجاهد أكتر عشان ربنا يقبلنا ويتوب علينا لو وقعنا في الذنب..
اللهم تب علينا يا رب..
وإن شاء الله هأكلمك قريب عشان ننطلق في الخطوة التالية إن شاء الله..
في رعاية الله يا باشمهندس..