شخصية المسلم

فلا يذل عندما يفقد ماله أو ماهو مصدر متعته في الحياة ، وينحدر في مذلته إلى درجة اليأس ، ويمتلكه الحقد آنئذ

فينكر الوجود والخالق له معا . ولا يتعالى كذلك ويدل على غيره في أمته ويطغى على كل ماحوله إن أغتنى بعد فقر ويسر الله الأمر بعد عسر فيه .

إنه يريد للإنسان عن طريق الإيمان بالأخرة أن يصبر عندما ينزل به الضرر والإيذاء في المال أو في أي عرض من أعراض الدنيا وأن ييسر لغيره ويعمل صالحا إما في سلوكه الشخصي أو في بره بالآخرين معه إذا أنعم الله عليه بفضل من متع هذه الحياة :

(( ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ))
فالإنسان قبل الإيمان بالله هو على النحو الذي أشارت إليه الآيتان هنا ، الأول والثانية عدم الأتزان فإما إلى الأذى والمذلة واليأس والكفر ، وإما إلى الأعلى فالترفع والتكبر والطغيان . ولكن الإنسان الذي دخل الإيمان قلبه هو الصابر في الضراء والبأساء وحين البأس ، وهو الذي يتخذ من نعمة الله عليه عند الميسرة سبيلا إلى إسعاد غيره وداعيا إلى الأستقامة والسلوك المهذب في تصرفاته وسبيلا آخر في الزهد والقناعة في متع الحياة التي هي وفيرة لديه .

إن دار الآخرة في نظر الدين هي الحل لمشكلة الحقد بين الناس في الدنيا لأنها موضع الأمل الأخير ، إذ هذه الحياة الدنيا في إيمانهم بداية وليست نهاية

ولأن الآخرة دار الجزاء وهي الأبقى والدائمة للأنسان كان مستوجبا على المؤمن أن يسعى بعمله في دنياه للحصول على نعيم الآخرة ولتجنب شقائها . ومن أجل ذلك أيضا ينبغي ألا تكون الدنيا دار للحروب بين المؤمنين أنفسهم بل على العكس يجب ان يكون التنافس بينهما من اجل الخير العام عن طريق انكار الذات والآخرة إذن دار القرار والجزاء معا والدنيا مجاز ومكان اختبار وتجربة يوصل إليها فحسب وبقدر مايكون عمق الأيمان بالآخرة تكون صلاحية

التجربة في الدنيا وبهذا التصوير يسعى الدين لحل مشكلة الحقد الأنساني وهو الداء المزمن مع الإنسان والذي لم يجد في علاجه حتى الآن : تقدم العلم في القرن التاسع عشر والعشرين وتطورت التكنولوجيا كما لم تنجح معه فلسفة القرن التاسع عشر الذي قام بالتبشير بغد أفضل في هذه الدنيا لم يفد شيئا في حل مشكلة الحقد الأنساني بل وعلى العكس طرد من النفوس البقية الباقية من إيمان وافسح بذلك فيها المكان لتمدد هذا الداء الإنساني الخطير .

ومايذكر الآن من إحصائيات وتقديرات لسكان العالم من قرننا العشرين يشير الى زيادة خطيرة في عدد السكان تنذر بمجاة عالمية لا تعرف نتائجها فهل مع ذلك الوعد بغد أفضل في الرفاهية ومستوى المعيشة سيتحقق ؟ أم أن الإيمان بالله والدار الآخرة يمكن أن يعمل على تخفيف حدة التوتر في وجودنا الدنيوي الحاضر وبالتالي يمكن أن يسهم في تقليص دائرة المجاعة المتوقعة ؟ .