فصل
في تحرير محل النزاع: وقد
اتفق العلماء أن الزي الشرعي المطلوب من المرأة المسلمة يلزم أن تتوفر فيه ثلاثة
شروط:
الأول: أن لا يصف مفاتن الجسد.
الثاني: أن لا يشف عما تحته.
الثالث: أن يكون ساترًا.
ثم بعد ذلك اختلفوا فيما يجب ستره من
جسد المرأة، وما الذي يجوز كشفه، فهناك من فرَّق بين عورة
المرأة في الصلاة وخارجها – أي عورة النظر - وهناك من لم يُفرِّق.
أما في الصلاة فالمتفق عليه بين
المذاهب
الأربعة المعتمدة أن عورة المرأة فيها جميع بدنها عدا
الوجه والكفين، وكذا في حال إحرامها.
ففي الكنز وشرحه للزيلعي من كتب
الحنفية: "(وبدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها)؛
لقوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا
ظَهَرَ}[النور: 31] والمراد محل زينتهن وما ظهر منها الوجه
والكفان قاله ابن عباس وابن عمر واستثنى في المختصر الأعضاء الثلاثة
للابتلاء بإبدائها; ولأنه عليه الصلاة والسلام نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب، ولو كان الوجه والكفان من العورة لما حرم سترهما بالمخيط، وفي القدم روايتان والأصح أنها ليست بعورة للابتلاء بإبدائها"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وفي كفاية الطالب الرباني من كتب
المالكية: "يجب على المرأة في الصلاة أن تستر ظهور
قدميها وشعرها وعنقها ودلاليها, ويجوز أن تظهر وجهها وكفيها في الصلاة خاصة"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وفي الشرح الكبير من كتبهم أيضًا:
"(و) كره (انتقاب امرأة) أي تغطية وجهها بالنقاب وهو ما
يصل للعيون في الصلاة؛ لأنه من الغلو، والرجل أولى - أي بالكراهة من
المرأة - ما لم يكن من قوم عادتهم ذلك"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وفي المنهاج وشرحه للرملي من كتب
الشافعية: "(و) عورة (الحرة) (ما سوى الوجه والكفين)
فيها ظهرًا وبطنًا إلى الكوعين؛ لقوله تعالى{وَلاَ يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ}[النور: 31] قال ابن عباس وعائشة: هو
الوجه والكفان؛ ولأنهما لو كانا عورة في العبادات لما وجب كشفهما في
الإحرام"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وفي شرح المنتهى من كتب الحنابلة:
"(والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة) حتى ظفرها نصا (إلا وجهها)؛
لحديث: {المرأة عورة} رواه الترمذي وقال حسن صحيح. وهو عام
في جميعها ترك في الوجه للإجماع, فيبقى العموم فيما عداه، وقول ابن عباس
وعائشة في قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا
ظَهَرَ}[النور :31] قالا: (الوجه والكفين) خالفهما ابن مسعود. فقال: "الثياب"،
ولأن الحاجة لا تدعو إلى كشف الكفين كما تدعو إلى كشف الوجه, وقياسا
لهما على القدمين"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
أما خارج الصلاة فالمعتمد أن عورة
المرأة المسلمة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين،
فيجوز لها كشفهما. وهذا هو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية
والشافعية، وهو مذهب الأوزاعي وأبو ثور من مجتهدي السلف، وقول في مذهب أحمد، وهذا المذهب لم يُفرِّق بين عورة الحرة في الصلاة
وخارجها،
وفيما يلي ذكر ما استدلوا به من أدلة.
فصل في أدلة القائلين
بجواز كشف وجه المرأة: استدل القائلون بجواز كشف وجه المرأة
بأدلة كثيرة، وهي كما يلي:
الدليل الأول:
قوله تعالى:
{وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ}[النور :31]، قال ابن عباس: "وجهها وكفيها"، وهذا التفسير مروي
أيضًا عن عطاء وسعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي، وقال
الحسن: الوجه والثياب. روى هذا الإمام الطبري في تفسيره
ثم قال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عنى بذلك:
الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل، والخاتم، والسوار،
والخضاب. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل؛ لإجماع الجميع على أن على كلِّ مصلٍّ أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن
تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها، إلا
ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى
قدر النصف. فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعًا، كان معلومًا بذلك أن لها أن
تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كما أن ذلك للرجال; لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره؛ وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلومًا أنه مما استثنى الله تعالى ذكره بقوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ} لأن كل ذلك ظاهر منها"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقال الإمام القرطبي: "لَمَّا
كان الغالب من الوجه والكفين ظهورَهما عادةً وعبادةً وذلك
في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقال الجصاص الحنفي : "ويدل على
أن الوجه والكفين ليسا بعورة أيضا أنها تصلي مكشوفة
الوجه واليدين، فلو كانا عورة لكان عليها سترهما، كما عليها ستر ما هو عورة"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
الدليل الثاني:
ما رواه
البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس
القفازين"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، ووجه الدلالة: أنه
لو كان تغطية الوجه والكفين فرضًا لما أبيح كشفهما في حال الإحرام
ويصير تغطيتهما بهذه الهيئة من محظورات الإحرام، ولو كان الوجه والكف
عورة لما حرم سترهما.
وقد أجاب المانعون عن الاستدلال بهذا الحديث،
بل إنهم استدلوا به على وجوب تغطية المرأة لوجهها، وسوف يأتي بيان ذلك كله
عند مناقشة أدلتهم.
الدليل الثالث:
ما روي عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم
فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النبي صلى
الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله إن
فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على
الراحلة أفأحج عنه؟ قال: (نعم). وذلك في حجة الوداع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وهذا الحديث بمختلف طرقه كان في حجة
الوادع؛ فهو متأخر عن آية الإدناء، ووجه الدلالة: أنه لو كان
الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على
كشفه بحضرة الناس, ولأمرها أن تسبل عليه من فوق, ولو كان وجهها مغطى ما
عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء.
فإن قيل: إنها محرمة،
والمحرمة منهية عن لبس النقاب، قلنا: نعم هي منهية عن لبس النقاب لكنها ليست منهية عن تغطية الوجه، ودليل مشروعية تغطية الوجه قول أسماء بنت أبي بكر: "كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمتشط قبل ذلك في
الإحرام"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، فإذا كانت تغطية الوجه
غير واجبة في الإحرام فهي غير واجبة في غير الإحرام وهو المطلوب إثباته.
فإن قيل: إنها كانت من العجائز قلنا: جاء
في روايات للحديث أنها شابة، ولو كانت عجوزًا فالمرأة كانت
وضيئة الوجه تشتهى للزواج فليست داخلة في اللاتي يجوز لهن وضع
الجلباب.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في
الفتح: "قال ابن بطال: في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة، وفيه دليل أن
نساء المؤمنين ليس عليهن في الحجاب ما يلزم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛
إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الخثعمية بالاستتار، ولما صرف وجه الفضل، وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضا"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
الدليل الرابع:
عن جابر بن
عبد الله قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ
بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكأ على بلال فأمر
بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن
وذكرهن فقال تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء
الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير.
قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
ووجه الدلالة من الحديث: قول راوي
الحديث سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه
وأرضاه (سفعاء الخدين) وهي تعني المرأة التي خدها فيه حمرة مشوبة بالسواد،
فكيف رأى ذلك الصحابي الجليل وجه المرأة ووصفه إن لم تكن كاشفة له.
وقد أجاب المانعون عن هذا الحديث: بأنه
ليس فيه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها
كاشفة عن وجهها، وأقرها على ذلك، بل غاية ما يفيده الحديث أن
جابرًا رأى وجهها، وذلك لا يستلزم كشفها عنه قصدًا، وكم من
امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد، فيراه بعض الناس في تلك الحال،
فعلى المحتج بحديث جابر المذكور، أن يثبت أنه صلى الله عليه وسلم رآها سافرة، وأقرها على ذلك، ولا سبيل له إلى إثبات ذلك. وقد روى القصة المذكورة غير جابر، فلم يذكر كشف المرأة المذكورة عن وجهها، وقد
ذكر الإمام مسلم في صحيحه ممن رواها غير جابر فذكر أبا سعيد الخدري، وابن عباس، وابن عمر، وذكرها غيره عن غيرهم. ولم يقل أحد ممن روى القصة غير جابر أنه رأى خدي تلك المرأة السفعاء الخدين، وبذلك يُعلم أنه لا دليل
على السفور في حديث جابر المذكور.
ويُناقش هذا بأنه إذا كان سيدنا جابر حريصًا على نقل القصة بتفاصيليها لدرجة أنه وصف المرأة التي سألت بأنها سعفاء الخدين، فلو سقط خمارها فبان وجهها لذكر ذلك وبيَّنه.
وقد ذهب بعضهم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مذهبًا آخر في الجواب عن هذا الحديث فقال بأن
هناك حرفًا مغيَّرًا في الحديث ورجَّح ما نقله القاضي عياض عن
حذاق شيوخه من أن: لفظ (سطة النساء) غلط في صحيح مسلم، وأن الصواب: (امرأة
من سلفة النساء) - كما جاء في شرح مسلم للنووي، والرواية
مُخرَّجة في سنن النسائي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] -.
ثم قال: "قوله - أي في الحديث -:
(سفعاء الخدين) فمعناه: فيها تغير وسواد، فعلى هذا فقوله:
(امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين) أي: ليست من علية النساء - بل هي
من سفلتهم- وهي سوداء وهذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية إلى أن المرأة
كانت من الإماء وليست من الحرائر، وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به
على جواز كشف وجه المرأة؛ إذ أنه يغتفر في حق الإماء ما لا يغتفر في حق
الحرائر".
وقد أجاب عن هذا الإمام النووي في
شرحه على مسلم فقال: "وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول بل هي
صحيحة،
وليس المراد بها من خيار النساء بل المراد امرأة من وسط
النساء جالسة في وسطهن، قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: يُقال
وسطت القوم أسِطُهم وسَطًا وسِطة أي: توسطتهم. قوله (سفعاء
الخدين) بفتح السين المهملة أي فيها تغير وسواد"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وعلى فرض التسليم بأن الحرف مُغيَّر،
فإن لفظ (سفلة) لا يدل دلالة قطعية على أنها كانت من الإماء؛
بل هو مجرد احتمال لا يخلو من نظر عند التحقيق، ففي القاموس
وشرحه للزبيدي: "(وسِفْلَةُ النَّاسِ، بالكسْرِ)، على التَّخْفِيفِ
بِنَقْلِ كَسْرَةِ الْفاءِ إِلَى السِّينِ، نَقَلَهُ ابنُ السِّكِّيتِ عن
بعضِ العَرَبِ، (وكفَرِحَةٍ: أسافِلُهُمْ، وغَوْغَاؤُهُمْ)،
وأَرَاذِلُهُم، وسُقَّاطُهُم، (و) السَّفَالَةُ (بالفتحِ: النَّذَالَةُ)"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
فانظر إلى هذا فإن الشيخ مع تقصِّيه للمعاني الواردة في
اللغة لم يذكر ولو إشارة إلى أن هذا اللفظ قد يستخدم مع الإماء.
وأخيرًا: حتى وإن سقط الاستدلال بهذا
الدليل على دعوانا من جواز كشف المرأة لوجهها، فإن بطلان
الدليل المعين لا يدل على بطلان المدلول المعين.
الدليل الخامس:
عن سهل بن
سعد: أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا
رسول الله: جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله صلى الله
عليه وسلم فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه، فلما رأت
المرأة أنه لم يقض فيها شيئًا جلست فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال: "هل عندك من شيء".
فقال لا والله يا رسول الله قال: "اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا".
فذهب ثم
رجع فقال لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئًا قال:
"انظر ولو خاتمًا من حديد". فذهب ثم رجع فقال لا والله
يا رسول الله ولا خاتمًا من حديد ولكن هذا إزاري - قال
سهل ما له رداء - فلها نصفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما
تصنع بإزارك إن لَبِستَه لم يكن عليها منه شيء وإن لَبِسَته لم يكن عليك شيء". فجلس الرجل حتى طال مجلسه ثم قام فرآه رسول الله
صلى الله
عليه وسلم موليًا فأمر به فدعي فلما جاء قال: "ماذا
معك من القرآن". قال معي سورة كذا وسورة كذا وسورة كذا عدها
قال: "أتقرؤهن عن ظهر قلبك". قال: نعم. قال: "اذهب فقد
ملكتكها بما معك من القرآن"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
فهذه الواقعة تشير إلى أن المرأة كانت
مكشوفة الوجه، وإلا فما حكمة تدقيق النظر فيها من النبي صلى
الله عليه وسلم؟، وكذلك ما سبب طلب الصحابي زواجها ولم ير
منها شيئًا.
فإن قيل: إن المقام مقام تزويج وخطبة، قلنا: لو سلمنا بذلك فإن الرواية ليس فيها ما يومئ إلى أنها غير كاشفة لوجهها ثم قامت بكشفه.
وإن قيل إنه يُحتمل أن ذلك كان قبل الحجاب، قلنا: نقل هذا الحافظ ابن حجر في الفتح عن ابن العربي وأجاب
عنه فقال: "وسلك ابن العربي في الجواب مسلكًا آخر فقال: يحتمل أن ذلك
قبل الحجاب أو بعده لكنها كانت متلفعة وسياق الحديث يبعد ما قال"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وعلى فرض التسليم بأن هذا كان قبل آية
الحجاب فلا يدل على شيء؛ إذ لا فرق بين حدوث هذا قبل آية
الحجاب أو بعده؛ لأن آية الحجاب خاصة بنساء النبي صلى الله عليه
وسلم أمهات المؤمنين - كما سيأتي -.
الدليل السادس:
ما روي عن
أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت
المحيض لم
تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه
وكفيه، قال أبو داود: هذا مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي
الله عنها
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
قال الإمام البيهقي: "مع هذا
المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان
ما أباح الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قويًّا وبالله التوفيق"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
الدليل السابع:
أن الحاجة
تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء فلم يجعل ذلك
عورة.
فصل في
نصوص العلماء من المذاهب الأربعة على جواز كشف وجه المرأة خارج الصلاة:
قال
الإمام الميرغناني الحنفي في الهداية: "وبدن الحرة كله عورة إلا وجهها وكفيها"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقال الشيخ الدردير في الشرح
الكبير من كتب المالكية: "(و) هي - أي العورة - من حرة (مع) رجل (أجنبي)
مسلم (غير الوجه والكفين) من جميع جسدها"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وجاء في أسنى المطالب من كتب الشافعية
لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: "(وعورة الحرة في الصلاة وعند
الأجنبي) ولو خارجها (جميع بدنها إلا الوجه, والكفين)"
(27
).
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف:
"الصحيح من المذهب أن الوجه ليس بعورة. وعليه الأصحاب .. وفي الكفين روايتان"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
فصل في ذكر من أوجب ستر الوجه من العلماء: من
العلماء من فرَّق بين عورة النظر - أي: خارج الصلاة - وعورة الصلاة، فرأى بعض متأخري الشافعية والحنابلة وجوب ستر جميع بدن المرأة بما في
ذلك وجهها وكفيها - خارج الصلاة -، وهذا هو المنقول عن أبي بكر بن عبد
الرحمن
التابعي.
ففي الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع
للخطيب الشربيني من كتب الشافعية وهو يتحدث عن شروط الصلاة
ذكر منها ستر العورة وقال: "وعورة الحرة غير
الوجه والكفين ظهرًا وبطنًا إلى الكوعين". علَّق الشيخ البجيرمي في حاشيته على قوله (وعورة الحرة) قائلا: "أي في الصلاة. أما
عورتها خارج
الصلاة بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فهي جميع بدنها حتى
الوجه والكفين, ولو عند أمن الفتنة"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وفي شرح ابن القاسم لمتن أبي شجاع في
الفقه الشافعي: "وعورة الحرة في الصلاة ما سوى
وجهها وكفيها ظهرًا وبطنًا إلى الكوعين، أما عورة الحرة خارج الصلاة،
فجميع بدنها" علَّق الشيخ البيجوري في حاشيته عليه قائلا: "أي عند الرجال الأجانب"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقال الشيخ منصور البهوتي الحنبلي في
كشاف القناع: "(وهما) أي: الكفان (والوجه) من الحرة البالغة (عورة خارجها)
أي: الصلاة (باعتبار النظر, كبقية بدنها)"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].